الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة: .قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم: سورة البلد:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.[سورة البلد: الآيات 1- 4] {لا أُقْسِمُ بِهذَا البلد (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا البلد (2) وَوالِدٍ وَما ولد (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كبد (4)}.الإعراب: {لا} زائدة، {بهذا} متعلّق بـ: {أقسم} (الواو) اعتراضيّة {بهذا} متعلّق بـ: {حلّ}، {والد} معطوف على {هذا} الأول مجرور {ما} موصول في محلّ جرّ معطوف على {والد}، (اللام) لام القسم (قد) حرف تحقيق {في كبد} متعلّق بحال من المفعول.جملة: {لا أقسم...} لا محلّ لها ابتدائيّة.وجملة: {أنت حلّ...} لا محلّ لها اعتراضيّة.وجملة: {ولد...} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).وجملة: {خلقنا...} لا محلّ لها جواب القسم..الصرف: (4) {كبد}: اسم بمعنى المشقّة، أو مصدر الثلاثيّ كبد الرجل إذا وجعه كبده، باب فرح، ثم استعمل في كلّ تعب، وزنه فعل بفتحتين..[سورة البلد: آية 5] {أيحسب أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أحد (5)}..الإعراب: (الهمزة) للاستفهام التهديديّ {أن} مخفّفة من الثقيلة واسمها ضمير محذوف يعود على الإنسان أي أنه.. {عليه} متعلّق بـ: {يقدر} والمصدر المؤوّل: {أن لن يقدر..} في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يحسب.جملة: {يحسب...} لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: {لن يقدر عليه أحد...} في محلّ رفع خبر (أن) المخفّفة..[سورة البلد: آية 6] {يَقول أَهْلَكْتُ مالاً لبدا (6)}..الإعراب: الضمير الفاعل في {يقول} يعود على شخص بعينه.جملة: {يقول...} لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: {أهلكت...} في محلّ نصب مقول القول..الصرف: {لبدا}، جمع لبدة، اسم بمعنى الكثرة، وزنه فعلة بضمّ فسكون، والجمع فعل بضمّ ففتح..[سورة البلد: آية 7] {أيحسب أَنْ لَمْ يَرَهُ أحد (7)}..الإعراب: مرّ إعراب نظيرها مفردات وجملا، والاستفهام فيها إنكاريّ..[سورة البلد: الآيات 8- 17] {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عينين (8) وَلِساناً وشفتين (9) وَهَدَيْناهُ النجدين (10) فَلا اقْتَحَمَ العقبة (11) وَما أَدْراكَ مَا العقبة (12) فَكُّ رقبة (13) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مسغبة (14) يَتِيماً ذا مقربة (15) أَوْ مِسْكِيناً ذا متربة (16) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بالمرحمة (17)}..الإعراب: (الهمزة) للاستفهام التقريعيّ {له} متعلّق بمحذوف مفعول به ثان، (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة.جملة: {نجعل...} لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: {هديناه...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.10- 11 (الفاء) عاطفة (لا) نافية، (الواو) اعتراضيّة {ما} اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ في الموضعين، خبر الأول جملة {أدراك}، وخبر الثاني {العقبة} بحذف مضاف أي: اقتحام العقبة..وجملة: {لا اقتحم العقبة...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {هديناه}.وجملة: {ما أدراك...} لا محلّ لها اعتراضيّة.وجملة: {أدراك...} في محلّ رفع خبر المبتدأ {ما}.وجملة: {ما العقبة...} في محلّ نصب مفعول به ثان لـ: {أدراك}.11- 17 {فكّ} خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي {أو} حرف عطف في الموضعين {إطعام} معطوف على فكّ مرفوع {في يوم} متعلّق بالمصدر {إطعام} {يتيما} مفعول به للمصدر {إطعام} {مسكينا} معطوف على {يتيما} منصوب {ثمّ} حرف عطف {من الذين} متعلّق بخبر كان {بالصبر} متعلّق بـ: {تواصوا} الأول {بالمرحمة} متعلّق بـ: {تواصوا} الثاني.وجملة: {(هي) فكّ...} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.وجملة: {كان من الذين...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {لا اقتحم}.وجملة: {آمنوا...} لا محلّ لها صلة الموصول {الذين}.وجملة: {تواصوا...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {آمنوا}.وجملة: {تواصوا} (الثانية) لا محلّ لها معطوفة على جملة {تواصوا} (الأولى)..الصرف: (9) {شفتين}: مثنّى شفة، اسم ذات للعضو المعروف في الوجه، وفي (شفة) حذف اللام، والأصل شفهة بدليل تصغيرها على شفيهة، وجمعها على شفاه.. ولا تجمع جمعا سالما فوزن شفة فعة بفتحتين.(10) {النجدين}: مثنّى نجد، اسم بمعنى الطريق المرتفع وقصد به هنا طريق الخير والشرّ، وقيل هما الثديان.. ووزن نجد فعل بفتح فسكون.(11) {العقبة}: اسم للطريق الصعب في الجبل، وأستعير هنا لمجاهدة النفس في فعل الطاعات وترك المحرّمات، أو هو ترشيح لاستعارة {النجدين} للخير والشر، وزنه فعلة بثلاث فتحات.(13) {فكّ}: مصدر سماعيّ للثلاثيّ فكّ باب نصر، وزنه فعل بفتح فسكون.(14) {مسغبة}: مصدر ميميّ من الثلاثيّ سغب باب فرح بزيادة التاء للمبالغة أو باب نصر، وزنه مفعلة بفتح الميم والعين.(15) {مقربة}: مثل {مسغبة} من باب كرم.(16) {متربة}: مثل {مسغبة} من باب فرح أي أصابه التراب بمعنى افتقر.(17) {المرحمة}: مثل {مسغبة} من باب فرح..البلاغة: 1- الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى: {وَهَدَيْناهُ النجدين}.أي طريقي الخير والشر، حيث استعار {النجدين} للخير والشر، وحذف المشبه وأبقى المشبه به وقد وصف سبيل الخير بالرفعة والنجدية، بخلاف سبيل الشر، فإن فيه هبوطا من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقاوة، فهو على التغليب أو على توهم المتخيلة.2- الاستعارة: في قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ العقبة}.{العقبة} الطريق الوهر في الجبل وفي البحر، هي ما صعب منه وكان صعودا. وهي هنا استعارة لما فسرت به من الأعمال الشاقة المرتفعة القدر عند اللّه تعالى، والقرينة ظاهرة، وإثبات الاقتحام المراد به الفعل، والكسب ترشيح..الفوائد: - عمل المصدر عمل فعله:في هاتين الآيتين عمل المصدر عمل فعله، في قوله تعالى: {أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مسغبة يَتِيماً ذا مقربة} فالمصدر إطعام عمل عمل فعله فنصب مفعولا وهو {يتيما}.وسنوضح فيما يلي ما يتعلق بعمل المصدر عمل فعله.يعمل المصدر الصريح عمل فعله في موضعين اثنين:1- إذ صح أن يحل محله (أن والفعل) كما في الآية الكريمة، بتأويل (أو أن تطعم يتيما) أو (ما والفعل) كقوله تعالى: {تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} والتقدير: (كما تخافون أنفسكم). ويعمل المصدر بهذه الحال، سواء أكان مضافا كقوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} أم منونا، كما في الآية الكريمة أم محلّى بـ: (آل) وهذا قليل جدا في اللغة، وذلك كقول الشاعر:الشاهد فيه المصدر (النكاية) نصب أعداءه على المفعولية.2- إذا كان نائبا عن الفعل: مثل (أداء الواجب) (حفظا الحقّ) فهذان مصدران نابا عن فعلهما. والتقدير أدّ الواجب، احفظ الحق. والمصدر يعرب في هذه الحال مفعولا مطلقا لفعل محذوف. وهذا المصدر النائب عن الفعل يكون منصوبا دائما ويلزم حالة واحدة أينما وقع. .[سورة البلد: الآيات 18- 20] {أُولئِكَ أَصْحابُ الميمنة (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ المشأمة (19) عَلَيْهِمْ نارٌ مؤصدة (20)}..الإعراب: (الواو) عاطفة {بآياتنا} متعلّق بـ: {كفروا}، {هم} ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ خبره {أصحاب}، {عليهم} متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر {نار}.جملة: {أولئك أصحاب...} لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: {الذين كفروا...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.وجملة: {كفروا...} لا محلّ لها صلة الموصول {الذين}.وجملة: {هم أصحاب...} في محلّ رفع خبر المبتدأ {الذين}.وجملة: {عليهم نار...} في محلّ رفع خبر ثان..الصرف: (20) {مؤصدة}: اسم مفعول من الرباعيّ آصد بمعنى أطبق وزنه مفعلة بضمّ الميم وفتح العين. اهـ..قال محيي الدين الدرويش: 90 سورة البلد:مكيّة.وآياتها عشرون.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.[سورة البلد: الآيات 1- 20] {لا أُقْسِمُ بِهذَا البلد (1)}.اللغة: {البلد} في القاموس: البلد والبلدة مكة شرّفها اللّه تعالى وكل قطعة من الأرض مستحيزة عامرة أو غامرة والتراب، والبلد القبر والمقبرة والدار والأثر وأدحي النعام. إلى أن يقول: وبلد بالمكان بلودا أقام ولزمه أو اتخذه بلدا.{حِلٌّ} يقال: حلّ وحلال وحرم وحرام بمعنى واحد، وحلّ في المكان إذا نزل فيه يحل بضم الحاء حلولا فهو حال والمكان محلول فيه، وسيأتي المزيد من معناه في باب الإعراب.{كبد} نصب ومشقة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة وفي المصباح: والكبد بفتحتين المشقة من المكابدة للشيء وهو تحمّل المشاق في فعله.وعبارة الزمخشري: وأصله من كبد الرجل كبد من باب طرب فهو أكبد إذا وجعته كبده وانتفخت فاتسع فيه حتى استعمل في كل تعب ومشقّة ومنه اشتقت المكابدة كما قيل كبته اللّه بمعنى أهلكه وأصله كبده أي أصاب كبده قال لبيد يرثي أخاه رابد:أي في شدّة الأمر وصعوبة الخطب.هذا ومن غريب أمر الكاف والباء أنهما إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة دلّتا على الشدّة والمعاناة والقهر، يقال كببته في الهوّة وكبكبته وكببته وكذلك إذا رمى به من رأس جبل أو حائط والفارس يكبّ الوحوش وهم يكبون العشار قال: ومن المجاز أكبّ على عمله وهو مكب عليه لازم له لا يفارقه قال لبيد: وكبت اللّه عدوّك كبه وأهلكه وتقول: لا زال خصمك مكبوتا وعدوّك مكبوتا. وكبح فرسه جذب عنانه حتى يصير منتصب الرأس ولهذا قيل أيضا: {في كبد} أي منتصبا ولم يجعله يمشي على أربع فيتناول الشيء بفيه ولا على بطنه لأن اللّه تبارك وتعالى كرّم بني آدم بأشياء هذه إحداها.وقال أعرابي آخر: ما للصقر يحبّ الأرنب ما لا يحب الخرب؟ قال لأنه يكبح سبلته ويردّه أي يصيب سبلته بذرقه فيلثقه.وكبر الأمر وخطب كبير وكبر على ذلك إذا شق عليك {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه} وكبر الرجل في قدر وكبر في سنّه وشيخ كبير وذو كبر وكبر، وعلة الكبرة والمكبرة: علو السن وما تقتضيه من معاناة وجهد قال: وكبس الحفرة طمها وكبس رأسه في جيب قميصه أدخله فيه وهو عابس كابس ووقع عليه الكابوس. وانتطحت الكباش وهو كبش كتيبة وهم كباش الكتائب قال: وفلان مكلّب مكبل مأسور بالكلب وهو القدّ مقيّد بالكبل وهو القيد وكبلت الأسير وكبّلته واكتبلته وفي ساقيه كبل وكبول قال جرير: وكبا لوجهه وتقول: الحدّ ينبو والجدّ يكبو، إلى آخر هذه المادة العجيبة في لغتنا الحبيبة.{لبدا} كثيرا تكدس بعضه على بعض ولا يخاف فناؤه من كثرته وما له سبد ولا لبد وهو المراد هنا ولبد أيضا آخر نسور لقمان قيل: بعثته عاد إلى الحرم يستسقي لها فلما أهلكوا خيّر لقمان بين بقاء سبع بعرات من أظب عفر في جبل وعر لا يمسّها القطر أو بقاء سبعة أنسر كلما هلك نسر خلف بعده نسر فاختار النسور وكان آخرها لبدا فلما مات مات لقمان وذلك في عصر الحارث الرائش أحد ملوك اليمن، وقد ذكره الشعراء فقال النابغة: {النجدين} الطريقين يعني طريق الخير وطريق الشر والنجد الطريق في ارتفاع وقيل الثديين، روي عن ابن عباس وعلي: لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه فالنجد العلو وجمعه نجود ومنه سمّيت نجد لارتفاعها عن انخفاض تهامة.وفي القاموس النجد: ما أشرف من الأرض وجمعه أنجد وأنجاد ونجاد ونجود ونجد وجمع النجود أنجدة والطريق الواضح المرتفع وما خالف الغور أي تهامة وتضم جيمه مذكر أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق، وما ينجّد به البيت من بسط وفرش ووسائد والجمع نجود ونجاد والدليل الماهر والمكان لا شجر فيه. إلى أن يقول: والثدي.{العقبة} الطريق الصعب في الجبل، واقتحامها مجاوزتها، وسيأتي المزيد من هذا البحث في باب البلاغة.{مسغبة} مصدر ميمي من سغب يسغب سغبا من باب فرح: جاع وفي القاموس: سغب كفرح ونصر سغبا وسغبا وسغابة وسغوبة ومسغبة جاع فهو ساغب وسغبان وسغب وهي سغبى وجمعها سغاب والسغب العطش وليس بمستعمل.{متربة} في المختار: وترب الشيء أصابه التراب وبابه طرب ومنه ترب الرجل أي افتقر كأنه لصق بالتراب وتربت يداه دعاء عليه أي لا أصاب خيرا وتربه تتريبا فتترّب أي لطخه بالتراب فتلطخ وأتربه: جعل عليه التراب وفي الحديث: «أتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة» وأترب الرجل: استغنى كأنه صار له من المال بقدر التراب والمتربة المسكنة والفاقة ومسكين ذو متربة أي لاصق بالتراب. وقال ابن خالويه:أخبرنا أبو عبد اللّه نفطويه عن ثعلب قال: يقال: ترب الرجل إذا افتقر وأترب إذا استغنى ومعناه صار ماله كالتراب كثرة فإن سأله سائل فقال:إذا كان الأمر كما زعمت فما وجه قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للرجل الذي استشاره في التزويج فقال له: «عليك بذات الدين تربت يداك» والنبي لا يدعو على أحد من المؤمنين؟ ففي ذلك أجوبة والمختار منها جوابان: أحدهما أن يكون أراد عليه السلام الدعاء الذي لا يراد به الوقوع كقولهم للرجل إذا مدحوه: قاتله اللّه ما أشعره وأخزاه اللّه ما أعلمه قال الشاعر في امرأة يهواها وهو جميل بثينة: والجواب الثاني أن هذا الكلام مخرجه من الرسول صلى الله عليه وسلم مخرج الشرط كأنه قال: عليك بذات البين تربت يداك إن لم تفعل ما أمرتك به وهذا حسن وهو اختيار ثعلب والمبرد.{مؤصدة} مطبقة بالهمز وهي قراءة حفص وأبي عمرو وحمزة وبالواو الساكنة وهي قراءة الباقين وهما لغتان يقال: أصدت الباب وآصدته وأوصدته إذا أغلقته وأطبقته وقيل معنى المهموز المطبقة ومعنى غير المهموز المغلقة ولم يفرق بينهما في القاموس.
|